الرد رقم (14) على العقيق اليماني
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم
الأخ العزيز العقيق اليماني:
لماذا تشتت الحوار ؟ ولماذا القفز من موضوع لآخر ؟ ألم أطلب منك أن ترّكز على موضوع العارف الرجبي؟ ثم نناقش بقيه المواضيع؟!
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
على كل حال نأتي على موضوع إنكار العرفاء للعذاب الأبدي في جهنم وتحول العذاب إلى عذوبة!!
وقد سلّم الأخ العقيق بأن شيخ العرفاء الأكبر ابن عربي (لعنه الله) يعتقد بهذا الأمر المخالف لضروريات الدين.
ولكنه يعترض علينا بقوله أنّ الملا صدرا لا يعتقد بهذا الأمر.
وحينما ذكرنا في الموضوع قول الملا صدرا : إعلم أنّ في تعذيب الله بعض عباده عذاباً أبدياً إشكالاً عظيماً , خصوصاً عند القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين...)
المصدر : تفسير القرآن الكريم, الملا صدرا , ج5 ص298.
أسقط الأخ العقيق حرف (في) من التصريح بسبب شدة غضبه وانفعاله.
وقلنا له: عندما أقول انّ في قولٍ ما إشكالاً واصفه أيضاً بالعظيم فأنا بصدد النكير على هذا القول.
والقول المستنّكر هنا هو العذاب الأبدي.
والملا صدرا هو الذي أشكل واستنكر على هذا الأمر موجهاً خطابه ضد جميع المسلمين وخصوصاً القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين (أي الشيعة الإمامية الأصوليون)
وحينما نرجع إليهم (أي الأصوليون) لا نجد أحداً منهم ينكر العذاب الابدي أو يُشكل على القول بالعذاب الأبدي إطلاقاً بل كل المسلمين يقولون بالعذاب الأبدي في جهنم ما عدا ابن عربي ومن تبعوه.
وقد نقلنا بأنّ ابن عربي يقول بأن التحسين والتقبيح ثابتان في الشرع فقط.
المصدر: ابن عربي , جعفر مرتضى, ص163, نقلاً عن الفتوحات المكية.
فهو إذاً لا يقول بالتحسين والتقبيح العقليين ولهذا لا يصح ما ذكره الأخ العقيق بأن الملا صدرا يرد على ابن عربي.
ثم أشكل الأخ العقيق على قولنا : أنّ الملا صدرا يعتقد كشيخه الأكبر ابن عربي بأنّ العذاب بمعنى العذوبة!!
وهذا هو نص قول الملا صدرا : إنّ العذاب كما قد يراد منه المعنى المصدري - أي التعذب - كذا يراد منه اسم ما يتعذب به كالنار مثلاً، وهذا غير مستلزم لذاك، فالنصوص الواردة في الخلود في العذاب لو كانت مثل قوله تعالى: {لا يخفف عنهم العذاب} يمكن أن يُأوّل فيها العذاب بالمعنى الاسمي لا المصدري، وان كان الثاني أظهر بحسب اللفظ.
المصدر : تفسير القران الكريم , الملا صدرا, ج5 ص300.
والظاهر حسب تعليق الأخ العقيق صعوبة استيعاب هذه الفقرة عليه لذلك لم يفهم المعنى جيداً.
فعاتبنا الملا صدرا وقلنا له لماذا لا تبيّن للأخ العزيز العقيق اليماني عقيدتك في نار جهنم بكل وضوح وتكشف له الأمر بكل صراحة وتوضّح له المعنى بكل شفافية لكي يقتنع بأنك تقول العذاب يتحوّل إلى عَذْب في نار جهنم!
فقال الملا صدرا: حسناً يا أبا مهدي سوف أوضح له الأمر بكل شفافية
إعلم (يا عقيق) أن أهل العذاب هم الذين نفوسهم كانت مستعدة لدرجة من درجات الجنان ثم بطل استعدادهم بارتكاب المعاصي فحالهم كحال من انحرف مزاجه عن الاعتدال اللائق به و عن الصحة التي له بحسبه فيكون في ألم شديد حتى يرجع إلى الاعتدال الذي كان له أو بطل استعداده بالكلية و انتقل مزاجه إلى مزاج وافقه تلك الحالة التي كانت مخالفة لمزاجه الأول و كان مرضا في حقه فصار المرض صحة له و الألم راحة له و انقلب العذاب عذوبة في حقه لانقلاب جوهره إلى جوهر أدنى فكذلك حال من يدخل في النار و يتعذب بها مدة لأجل الأعمال السيئة فإن بقي في قلبه نور الإيمان فمنع أن ينفذ ظلمة المعاصي في باطن قلبه و يحيط به السيئات فلا محالة يخرج من النار و يبرأ من العذاب و أما من اسود قلبه بالكلية و غاص في باطن قلبه ظلمة المعاصي لأجل الكفر فلا يخرج من النار أبداً مخلداً.
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص346.
أبو مهدي : حسنا يا ملا صدرا أخبر أخانا العقيق عن حال المخلّدين في النار من المنافقين والمشركين والكفار ؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى المنافقين الذين لهم استعداد الكمال و استعداد النقص و إن كان (العذاب) أليما لإدراكهم الكمال و عدم إمكان الوصول إليه لهم و لكن لما كان استعداد نقصهم أغلب رضوا بنقصانهم و زال عنهم تألمهم بعد انتقام المنتقم منهم بتعذيبهم و انقلب العذاب عذبا كما يشاهد ممن لا يرضى بأمر خسيس أولا ثم إذا وقع فيه و ابتلي و تكرر صدوره منه تألّف به و اعتاد فصار يفتخر به بعد أن كان يستقبحه!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص361.
أبو مهدي : لا بأس يا ملا صدرا تحمّل اخانا العقيق فهو لربما لم يستوعب بعد فخذه بحلمك وأخبره عن حال المشركين أيضاً؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات فينتقم منهم لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه و جعلوا الإله المطلق مقيدا و أما من حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصور فما يعبدون إلا الله فرضي الله منهممن هذا الوجه فينقلب عذابهم عذبا في حقهم!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص362-361.
أبو مهدي : وما حال الكفار ؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى الكافرين أيضا و إن كان العذاب عظيما لكنهم لم يتعذبوا به لرضاهم بما هم فيه فإن استعدادهم يطلب ذلك كالأتوني يفتخر بما هو فيه و عظم عذابه بالنسبة إلى من يعرف أن وراء مرتبتهم مرتبة و أنواع العذاب غير مخلد على أهله من حيث إنه عذاب لانقطاعه بشفاعة الشافعين و آخر من يشفع هو أرحم الراحمين كما جاء في الحديث لذلك ينبت الجرجير في قعر جهنم و بمقتضى سبقت رحمتي غضبي!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص362.
أبو مهدي : الله يقطع سوالف يا ملا صدرا ضحكتنا في أيام الحزن, جرجير في قعر جهنم!! شكلك جوعان بقوة والجوع كافر خلاك تهذي!
طيب أنت بينت للأخ العقيق حال المنافقين والمشركين والكفار ولكن لم تبين له حال الغافلين أتباع المنحرفين كيف يكون وضعهم في جهنم؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضاً (يكون العذاب) عَذب من وجه كما جاء في الحديث : ( إن بعض أهل النار يتلاعبون فيها بالنار) و(الملاعبة) لا تنفك عن التلذذ (وإن كان معذباً) لعدم وجدانه ما أمن به من جنة الأعمال التي هي الحور والقصور.
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص361.
أبو مهدي : لم اسمع بهذا الحديث سابقاً ولا أعلم من أين تأتي لنا بأحاديث الف ليلة وليلة هذه يا ملا صدرا؟؟
حسنا نحن نسمع بأنّ في نار جهنم حيات وعقارب يتعذب بها أهل النار هل هذا أيضاً يتحول إلى لذة ونعيم لأهل النار؟
الملا صدرا : نعم يا أبا مهدي فقد قال شيخنا الأكبر ابن عربي في الفتوحات: يدخل أهل الدارين فيهما السعداء بفضل الله و أهل النار بعدل الله و ينزلون فيهما بالأعمال و يخلدون فيهما بالنيات فيأخذ الألم جزاء العقوبة موازيا لمدة العمر في الشرك في الدنيا فإذا فرغ الأمد جعل لهم نعيما في الدار التي يخلدون فيها (أي في النار) بحيث إنهم لو دخلوا الجنة تألموا لعدم موافقة الطبع الذي جبلوا عليه فهم يتلذذون بما هم فيه من نار و زمهرير و ما فيها من لدغ الحيات و العقارب كما يلتذ أهل الجنة بالظلال و النور و لثم الحسان من الحور لأن طبائعهم تقتضي ذلك ألا ترى الجعل على طبيعة يتضرر بريح الورد و يلتذ بالنتن, والمحرور من الإنسان يتألم بريح المسك فاللذات تابعة للملائم و الآلام تابعة لعدمه!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص349.
أبو مهدي : ملا صدرا ان هذه الأقوال الدالة على انقطاع العذاب عن أهل النار تنافي ما ذكرته سابقا من دوام الآلام عليهم؟
الملا صدرا : لا نسلم المنافاة إذ لا منافاة بين عدم انقطاع العذاب عن أهل النار أبداً و بين انقطاعه عن كل واحد منهم في وقت.
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص350.
ثم لا يذهب على أحد أن الكون في الجحيم غير مستلزم للعذاب الأليم فإن الزبانية والسدنة من سكانها ليسوا معذّبين ... والقول بانتهاء مدة التعذيب للكفار وإن كان باطلاً عند جمهور الفقهاء والمتكلمين وبدعة وضلالة لادعائهم تحقق النصوص الجلية في خلود العذاب ووقوع الإجماع من الأمة في هذا الباب إلا أن كلاً منها غير قطعي الدلالة بحيث تعارض الكشف الصريح أو البرهان النيّر الصحيح!!
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص300.
أبو مهدي : تخالفون إجماع الفقهاء والمتكلمين بحجة الكشف؟!! (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). يا ملا صدر إن قولك بانقطاع العذاب مخالف للنصوص الدينية الواضحة وهي نصوص قطعية الدلالة!!
الملا صدرا : ما من لفظ إلا ويمكن حمله على معنى آخر غير ما هو الموضوع له بأحد الدلالات وإن كان الأصل والمعتبر هو المعنى المطابقي لكن الكلام هنا ليس في الأصل والترجيح كما في الفروعات الظنية التي يكتفي للعمل بها مجرد الأصل والرجحان بل في اليقينيات التي لا ينجح فيها إلا العلم بالبرهان والشهود بالعيان.
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص300.
أبو مهدي : إن قولك هذا يفتح باب التأويل على مصراعيه, ولكن لو سلمنا جدلاً بذلك لماذا رفضه جمهور الفقهاء وأجمعوا على بطلانه؟
الملا صدرا : إنّ إجماع علماء الظاهر (الفقهاء) في أمر يخالف مقتضى الكشف الصحيح الموافق للكشف الصريح النبوي والفتح الصحيح المصطفوي (على الصادع به وآله أفضل الصلوات والتسليمات) لا يكون حجة عليهم فلو خالف من له هذه المشاهدة والكشف إجماع من ليس له ذلك لا يكون ملاماً في المخالفة ولا خارجاً عن قانون الشريعة لأخذه ذلك عن باطن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص301.
أبو مهدي : ملا صدرا أنا لا أتفق معك فيما ذكرته لأني غير ملتزم بكشفكم الخرافي هذا وهو ليس بحجة علينا.
أنا ملتزم بظواهر النصوص الدينية ومتبع لسيرة الفقهاء الذين أجمعوا على بطلان ما تدعونه.
ولكن كان هدفي من الحوار معك هو أن أخي العزيز العقيق اليماني غير مقتنع بأنك تقول انّ العذاب بمعنى العذوبة وكذلك غير مقتنع بأنك تؤيد كلام ابن عربي!
الملا صدرا : كلام الشيخ (ابن عربي) رضي الله عنه لا ينافي ذلك لأن كون الشيء من وجه عذاباً لا ينافي كونه من وجه آخر عذباً.
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص305.
أبو مهدي : هذا التأييد الأخير مطابق لتأييد القيصري في شرح الفصوص فهل أنت متفق معه في هذه القول؟
الملا صدرا : نعم يا أبا مهدي ولو لم أكن كذلك لم أرسل قوله في كتابي إرسال المسلمات ثم لم أعلق عليه بشيء.
ولكي يقتنع أخانا العقيق أكثر بأني أنكر العذاب الأبدي في جهنم قل له بأن أحد المحققين على كتابي الأسفار حاول الدفاع عني فقال بأن العذاب الأبدي ليس من الضروريات فلا يجوز تكفير منكريه!!
المصدر: الأسفار, الملا صدرا, هامش ج9 ص306, طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت, الطبعة الأولى.
أبو مهدي : نتمنى أن يقتنع بكلامك الأخ العقيق ويتبرأ منك ومن عقيدتك الفاسدة.
ننتقل إلى الخميني لنسأله سؤالاً واحداً فقط : ماذا تقول في نار جهنم؟
الخميني : انّ النّار حقيقةً صورة الرّحمة الإلهية لأهل التوحيد فإنّها توجب وصولهم إلى الكمالات المترقّية بإلقاء الغرائب والهيئات المظلمة وتصيّرهم قابلين للشّفاعة بل عند الشيخ (ابن عربي) وأتباعه (كالملا صدرا) للكفّار أيضاً فإنّ العذاب عنده من العذْب كما صرّح به في هذا الكتاب (فصوص الحكم).
المصدر: فصوص الحكم لابن عربي, تعليق الخميني, ص105.
أقول : ان النار عقاب الله وغضبه فهي موضع النكال والنقمة وهي دار الشقاء والعذاب وهي مكان الانتقام الإلهي وليست صورة للرحمة!
يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مخاطباً أخاه عقيل بعد أن لسعه بحديده محماة.
ثكلتك الثواكل ، يا عقيل ! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى ؟ !
المصدر : رسائل الشريف المرتضى, ج3 ص139.
فالنار مكان لغضب الله وسخطه .
أما بالنسبة لقول الخميني انّ النار توجب وصولهم إلى الكمالات؟؟
أقول : يقول الآشتياني : الآخرة لا تكون دار تكامل والحركة الاستكمالية في الآخرة غير ممكنة , بل إذا كان مبدأ العذاب من العوارض الغريبة في جوهر النفس , فإنه يزول وذلك ليس من باب الحركة الاستكمالية.
المصدر : الخلود في النار, محمد عبد الخالق كاظم , ص220.
ثم يعترف الخميني بأن انكارهم للتعذيب الأبدي حتى للكفار موجود في أعظم كتاب عند العرفاء وهو كتاب فصوص الحكم المنزّل على ابن عربي بل هو كتاب النبي بالأصل كما صرّح بذلك حيدر الآملي.
نرجع إلى موضوعنا الأصلي وهو الكشف وحجيته في الشرع ونقول إذا كان الكشف يوصلنا إلى مثل هذه الاعتقادات الباطلة والخرافات والخزعبلات...
فما قيمة هذا الكشف؟
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجّل فرجهم والعن أعداءهم
الأخ العزيز العقيق اليماني:
لماذا تشتت الحوار ؟ ولماذا القفز من موضوع لآخر ؟ ألم أطلب منك أن ترّكز على موضوع العارف الرجبي؟ ثم نناقش بقيه المواضيع؟!
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
على كل حال نأتي على موضوع إنكار العرفاء للعذاب الأبدي في جهنم وتحول العذاب إلى عذوبة!!
وقد سلّم الأخ العقيق بأن شيخ العرفاء الأكبر ابن عربي (لعنه الله) يعتقد بهذا الأمر المخالف لضروريات الدين.
ولكنه يعترض علينا بقوله أنّ الملا صدرا لا يعتقد بهذا الأمر.
وحينما ذكرنا في الموضوع قول الملا صدرا : إعلم أنّ في تعذيب الله بعض عباده عذاباً أبدياً إشكالاً عظيماً , خصوصاً عند القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين...)
المصدر : تفسير القرآن الكريم, الملا صدرا , ج5 ص298.
أسقط الأخ العقيق حرف (في) من التصريح بسبب شدة غضبه وانفعاله.
وقلنا له: عندما أقول انّ في قولٍ ما إشكالاً واصفه أيضاً بالعظيم فأنا بصدد النكير على هذا القول.
والقول المستنّكر هنا هو العذاب الأبدي.
والملا صدرا هو الذي أشكل واستنكر على هذا الأمر موجهاً خطابه ضد جميع المسلمين وخصوصاً القائلين بالتحسين والتقبيح العقليين (أي الشيعة الإمامية الأصوليون)
وحينما نرجع إليهم (أي الأصوليون) لا نجد أحداً منهم ينكر العذاب الابدي أو يُشكل على القول بالعذاب الأبدي إطلاقاً بل كل المسلمين يقولون بالعذاب الأبدي في جهنم ما عدا ابن عربي ومن تبعوه.
وقد نقلنا بأنّ ابن عربي يقول بأن التحسين والتقبيح ثابتان في الشرع فقط.
المصدر: ابن عربي , جعفر مرتضى, ص163, نقلاً عن الفتوحات المكية.
فهو إذاً لا يقول بالتحسين والتقبيح العقليين ولهذا لا يصح ما ذكره الأخ العقيق بأن الملا صدرا يرد على ابن عربي.
ثم أشكل الأخ العقيق على قولنا : أنّ الملا صدرا يعتقد كشيخه الأكبر ابن عربي بأنّ العذاب بمعنى العذوبة!!
وهذا هو نص قول الملا صدرا : إنّ العذاب كما قد يراد منه المعنى المصدري - أي التعذب - كذا يراد منه اسم ما يتعذب به كالنار مثلاً، وهذا غير مستلزم لذاك، فالنصوص الواردة في الخلود في العذاب لو كانت مثل قوله تعالى: {لا يخفف عنهم العذاب} يمكن أن يُأوّل فيها العذاب بالمعنى الاسمي لا المصدري، وان كان الثاني أظهر بحسب اللفظ.
المصدر : تفسير القران الكريم , الملا صدرا, ج5 ص300.
والظاهر حسب تعليق الأخ العقيق صعوبة استيعاب هذه الفقرة عليه لذلك لم يفهم المعنى جيداً.
فعاتبنا الملا صدرا وقلنا له لماذا لا تبيّن للأخ العزيز العقيق اليماني عقيدتك في نار جهنم بكل وضوح وتكشف له الأمر بكل صراحة وتوضّح له المعنى بكل شفافية لكي يقتنع بأنك تقول العذاب يتحوّل إلى عَذْب في نار جهنم!
فقال الملا صدرا: حسناً يا أبا مهدي سوف أوضح له الأمر بكل شفافية
إعلم (يا عقيق) أن أهل العذاب هم الذين نفوسهم كانت مستعدة لدرجة من درجات الجنان ثم بطل استعدادهم بارتكاب المعاصي فحالهم كحال من انحرف مزاجه عن الاعتدال اللائق به و عن الصحة التي له بحسبه فيكون في ألم شديد حتى يرجع إلى الاعتدال الذي كان له أو بطل استعداده بالكلية و انتقل مزاجه إلى مزاج وافقه تلك الحالة التي كانت مخالفة لمزاجه الأول و كان مرضا في حقه فصار المرض صحة له و الألم راحة له و انقلب العذاب عذوبة في حقه لانقلاب جوهره إلى جوهر أدنى فكذلك حال من يدخل في النار و يتعذب بها مدة لأجل الأعمال السيئة فإن بقي في قلبه نور الإيمان فمنع أن ينفذ ظلمة المعاصي في باطن قلبه و يحيط به السيئات فلا محالة يخرج من النار و يبرأ من العذاب و أما من اسود قلبه بالكلية و غاص في باطن قلبه ظلمة المعاصي لأجل الكفر فلا يخرج من النار أبداً مخلداً.
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص346.
أبو مهدي : حسنا يا ملا صدرا أخبر أخانا العقيق عن حال المخلّدين في النار من المنافقين والمشركين والكفار ؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى المنافقين الذين لهم استعداد الكمال و استعداد النقص و إن كان (العذاب) أليما لإدراكهم الكمال و عدم إمكان الوصول إليه لهم و لكن لما كان استعداد نقصهم أغلب رضوا بنقصانهم و زال عنهم تألمهم بعد انتقام المنتقم منهم بتعذيبهم و انقلب العذاب عذبا كما يشاهد ممن لا يرضى بأمر خسيس أولا ثم إذا وقع فيه و ابتلي و تكرر صدوره منه تألّف به و اعتاد فصار يفتخر به بعد أن كان يستقبحه!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص361.
أبو مهدي : لا بأس يا ملا صدرا تحمّل اخانا العقيق فهو لربما لم يستوعب بعد فخذه بحلمك وأخبره عن حال المشركين أيضاً؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى المشركين الذين يعبدون غير الله من الموجودات فينتقم منهم لكونهم حصروا الحق فيما عبدوه و جعلوا الإله المطلق مقيدا و أما من حيث إن معبودهم عين الوجود الحق الظاهر في تلك الصور فما يعبدون إلا الله فرضي الله منهممن هذا الوجه فينقلب عذابهم عذبا في حقهم!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص362-361.
أبو مهدي : وما حال الكفار ؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى الكافرين أيضا و إن كان العذاب عظيما لكنهم لم يتعذبوا به لرضاهم بما هم فيه فإن استعدادهم يطلب ذلك كالأتوني يفتخر بما هو فيه و عظم عذابه بالنسبة إلى من يعرف أن وراء مرتبتهم مرتبة و أنواع العذاب غير مخلد على أهله من حيث إنه عذاب لانقطاعه بشفاعة الشافعين و آخر من يشفع هو أرحم الراحمين كما جاء في الحديث لذلك ينبت الجرجير في قعر جهنم و بمقتضى سبقت رحمتي غضبي!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص362.
أبو مهدي : الله يقطع سوالف يا ملا صدرا ضحكتنا في أيام الحزن, جرجير في قعر جهنم!! شكلك جوعان بقوة والجوع كافر خلاك تهذي!
طيب أنت بينت للأخ العقيق حال المنافقين والمشركين والكفار ولكن لم تبين له حال الغافلين أتباع المنحرفين كيف يكون وضعهم في جهنم؟
الملا صدرا : بالنسبة إلى المحجوبين الغافلين عن اللذات الحقيقية أيضاً (يكون العذاب) عَذب من وجه كما جاء في الحديث : ( إن بعض أهل النار يتلاعبون فيها بالنار) و(الملاعبة) لا تنفك عن التلذذ (وإن كان معذباً) لعدم وجدانه ما أمن به من جنة الأعمال التي هي الحور والقصور.
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص361.
أبو مهدي : لم اسمع بهذا الحديث سابقاً ولا أعلم من أين تأتي لنا بأحاديث الف ليلة وليلة هذه يا ملا صدرا؟؟
حسنا نحن نسمع بأنّ في نار جهنم حيات وعقارب يتعذب بها أهل النار هل هذا أيضاً يتحول إلى لذة ونعيم لأهل النار؟
الملا صدرا : نعم يا أبا مهدي فقد قال شيخنا الأكبر ابن عربي في الفتوحات: يدخل أهل الدارين فيهما السعداء بفضل الله و أهل النار بعدل الله و ينزلون فيهما بالأعمال و يخلدون فيهما بالنيات فيأخذ الألم جزاء العقوبة موازيا لمدة العمر في الشرك في الدنيا فإذا فرغ الأمد جعل لهم نعيما في الدار التي يخلدون فيها (أي في النار) بحيث إنهم لو دخلوا الجنة تألموا لعدم موافقة الطبع الذي جبلوا عليه فهم يتلذذون بما هم فيه من نار و زمهرير و ما فيها من لدغ الحيات و العقارب كما يلتذ أهل الجنة بالظلال و النور و لثم الحسان من الحور لأن طبائعهم تقتضي ذلك ألا ترى الجعل على طبيعة يتضرر بريح الورد و يلتذ بالنتن, والمحرور من الإنسان يتألم بريح المسك فاللذات تابعة للملائم و الآلام تابعة لعدمه!!
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص349.
أبو مهدي : ملا صدرا ان هذه الأقوال الدالة على انقطاع العذاب عن أهل النار تنافي ما ذكرته سابقا من دوام الآلام عليهم؟
الملا صدرا : لا نسلم المنافاة إذ لا منافاة بين عدم انقطاع العذاب عن أهل النار أبداً و بين انقطاعه عن كل واحد منهم في وقت.
المصدر: الأسفار , الملا صدرا , ج5 ص350.
ثم لا يذهب على أحد أن الكون في الجحيم غير مستلزم للعذاب الأليم فإن الزبانية والسدنة من سكانها ليسوا معذّبين ... والقول بانتهاء مدة التعذيب للكفار وإن كان باطلاً عند جمهور الفقهاء والمتكلمين وبدعة وضلالة لادعائهم تحقق النصوص الجلية في خلود العذاب ووقوع الإجماع من الأمة في هذا الباب إلا أن كلاً منها غير قطعي الدلالة بحيث تعارض الكشف الصريح أو البرهان النيّر الصحيح!!
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص300.
أبو مهدي : تخالفون إجماع الفقهاء والمتكلمين بحجة الكشف؟!! (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم). يا ملا صدر إن قولك بانقطاع العذاب مخالف للنصوص الدينية الواضحة وهي نصوص قطعية الدلالة!!
الملا صدرا : ما من لفظ إلا ويمكن حمله على معنى آخر غير ما هو الموضوع له بأحد الدلالات وإن كان الأصل والمعتبر هو المعنى المطابقي لكن الكلام هنا ليس في الأصل والترجيح كما في الفروعات الظنية التي يكتفي للعمل بها مجرد الأصل والرجحان بل في اليقينيات التي لا ينجح فيها إلا العلم بالبرهان والشهود بالعيان.
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص300.
أبو مهدي : إن قولك هذا يفتح باب التأويل على مصراعيه, ولكن لو سلمنا جدلاً بذلك لماذا رفضه جمهور الفقهاء وأجمعوا على بطلانه؟
الملا صدرا : إنّ إجماع علماء الظاهر (الفقهاء) في أمر يخالف مقتضى الكشف الصحيح الموافق للكشف الصريح النبوي والفتح الصحيح المصطفوي (على الصادع به وآله أفضل الصلوات والتسليمات) لا يكون حجة عليهم فلو خالف من له هذه المشاهدة والكشف إجماع من ليس له ذلك لا يكون ملاماً في المخالفة ولا خارجاً عن قانون الشريعة لأخذه ذلك عن باطن رسول الله (صلى الله عليه وآله).
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص301.
أبو مهدي : ملا صدرا أنا لا أتفق معك فيما ذكرته لأني غير ملتزم بكشفكم الخرافي هذا وهو ليس بحجة علينا.
أنا ملتزم بظواهر النصوص الدينية ومتبع لسيرة الفقهاء الذين أجمعوا على بطلان ما تدعونه.
ولكن كان هدفي من الحوار معك هو أن أخي العزيز العقيق اليماني غير مقتنع بأنك تقول انّ العذاب بمعنى العذوبة وكذلك غير مقتنع بأنك تؤيد كلام ابن عربي!
الملا صدرا : كلام الشيخ (ابن عربي) رضي الله عنه لا ينافي ذلك لأن كون الشيء من وجه عذاباً لا ينافي كونه من وجه آخر عذباً.
المصدر: تفسير القرآن الكريم , ملا صدرا, ج5 ص305.
أبو مهدي : هذا التأييد الأخير مطابق لتأييد القيصري في شرح الفصوص فهل أنت متفق معه في هذه القول؟
الملا صدرا : نعم يا أبا مهدي ولو لم أكن كذلك لم أرسل قوله في كتابي إرسال المسلمات ثم لم أعلق عليه بشيء.
ولكي يقتنع أخانا العقيق أكثر بأني أنكر العذاب الأبدي في جهنم قل له بأن أحد المحققين على كتابي الأسفار حاول الدفاع عني فقال بأن العذاب الأبدي ليس من الضروريات فلا يجوز تكفير منكريه!!
المصدر: الأسفار, الملا صدرا, هامش ج9 ص306, طبعة دار إحياء التراث العربي بيروت, الطبعة الأولى.
أبو مهدي : نتمنى أن يقتنع بكلامك الأخ العقيق ويتبرأ منك ومن عقيدتك الفاسدة.
ننتقل إلى الخميني لنسأله سؤالاً واحداً فقط : ماذا تقول في نار جهنم؟
الخميني : انّ النّار حقيقةً صورة الرّحمة الإلهية لأهل التوحيد فإنّها توجب وصولهم إلى الكمالات المترقّية بإلقاء الغرائب والهيئات المظلمة وتصيّرهم قابلين للشّفاعة بل عند الشيخ (ابن عربي) وأتباعه (كالملا صدرا) للكفّار أيضاً فإنّ العذاب عنده من العذْب كما صرّح به في هذا الكتاب (فصوص الحكم).
المصدر: فصوص الحكم لابن عربي, تعليق الخميني, ص105.
أقول : ان النار عقاب الله وغضبه فهي موضع النكال والنقمة وهي دار الشقاء والعذاب وهي مكان الانتقام الإلهي وليست صورة للرحمة!
يقول مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مخاطباً أخاه عقيل بعد أن لسعه بحديده محماة.
ثكلتك الثواكل ، يا عقيل ! أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه ، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه ! أتئن من الأذى ولا أئن من لظى ؟ !
المصدر : رسائل الشريف المرتضى, ج3 ص139.
فالنار مكان لغضب الله وسخطه .
أما بالنسبة لقول الخميني انّ النار توجب وصولهم إلى الكمالات؟؟
أقول : يقول الآشتياني : الآخرة لا تكون دار تكامل والحركة الاستكمالية في الآخرة غير ممكنة , بل إذا كان مبدأ العذاب من العوارض الغريبة في جوهر النفس , فإنه يزول وذلك ليس من باب الحركة الاستكمالية.
المصدر : الخلود في النار, محمد عبد الخالق كاظم , ص220.
ثم يعترف الخميني بأن انكارهم للتعذيب الأبدي حتى للكفار موجود في أعظم كتاب عند العرفاء وهو كتاب فصوص الحكم المنزّل على ابن عربي بل هو كتاب النبي بالأصل كما صرّح بذلك حيدر الآملي.
نرجع إلى موضوعنا الأصلي وهو الكشف وحجيته في الشرع ونقول إذا كان الكشف يوصلنا إلى مثل هذه الاعتقادات الباطلة والخرافات والخزعبلات...
فما قيمة هذا الكشف؟
هذا وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..
</B></I>
تعليق